الضغط في العمل، سواء كان موسمياً أو متواصلاً، يمثل جزءاً من واقعنا ليس من السهل الرزوح تحت وطأته، حتى أنه بات يشكل ظاهرة سلبية تعيق الإنتاجية. ومع
ذلك، ينتابك شعور جيد يمنحك متعة خاصة لا تشعر بها إلا عند انتهائك من المهام الموكلة إليك بكفاءة ونجاح، ضمن الموعد المحدد. هذا الأمر يتطلب الكثير من الخصال والقدرات الشخصية كالصبر والعزم والمثابرة والجهوزية والتنظيم، والتي من شأنها أن تتحول إلى مهارات تجعل الشخص يتجاهل الضغوط التي تلقي بوزرها عليه، فينظر إليها بعين إيجابية ويتعامل معها على أنها تحديات بنّاءة وليست حواجز معيقة
تخيّل هذا السيناريو: أنت في انتظار شخص للإنتهاء من إعداد تقرير تحتاج لتقديمه خلال اجتماعك بأحد العملاء، فيما يتعين عليك وضع اللمسات الأخيرة على عرض تقديمي عاجل، لكن ثمة حالة طارئة تحول دون تحقيق مرادك وتجعلك تتأخر نصف ساعة عن الموعد. وسرعان ما تلبث تداعيات هذا التأخير أن تبدأ بالظهور على معالمك حتى يتولى عليك التوتر ويتملكك شعور بالهلع، فتجد نفسك تصبّ جام غضبك فجأة على هذا الشخص بذريعة تباطؤه في العمل وتسبّبه بتخلّفك عن الموعد المحدّد. وبالرغم أنك في قرارة نفسك تعلم أن سلوكك هذا من شأنه أن يؤثر سلباً عليه ويتسبب له بالضرر، لم تستطع أن تتمالك نفسك!
من الطبيعي أن تكون نافد الصبر أحياناً وخاصة في مجال العلاقات العامة، لكن لا بد من الأخذ بالاعتبار أن الانفعال من شأنه أن يضرّ بك ومجتمعك. لكي تتمكن من التغلب على الآثار السلبية لهذا السلوك الانفعالي، إليك بعض النصائح المفيدة:
في هذه الصناعة المتغيرة باستمرار مثل العلاقات العامة، لا تتمنى حتماً أن تلصق بنفسك سمعة الشخص نافد الصبر، والتي يمكن أن يفسّرها آخرون بأنها ضربٌ من الغطرسة وعدم الاهتمام، فيما قد ينعتها البعض الآخر بالسلوك الأرعن أو المتهور. وفي كثير من الأحيان، نجد أن الأحكام العشوائية والمسبقة يمكن أن تعيق سير عمل الآخرين وخلق أجوٍاء سيئة في أرجاء المكتب. وللأسف، فإن الآثار الجانبية لنفاد الصبر يمكن أن ترمي بظلالها إلى أبعد من حدود مجال عملنا، إذ قد تؤدي إلى العزلة والانزواء جرّاء تجنب الزملاء لك خوفاً من التعرض لنوبات من الغضب المفاجىء التي قد تساورك جرّاء مجرّد مزاج سيئ.
الأفراد الذين يحملون هذه السمات الشخصية من غير المرجح أن يتم ترقيتهم إلى مناصب قيادية. لكن كلما تحلّيت بالصبر، كلما اكتسبت نظرة إيجابية تجاه العمل والحياة، وازدات فرصك بتسلّق سلّم النجاح والقيادة.
قم ببذل مجهود لحل المشكلة
حاول بالعودة بالذاكرة إلى آخر مرة شعرت فيها بأنك على وشك أن تفقد صبرك، وأن تفهم الأسباب وراء هذا الموقف، ثم بادر إلى وضع خطة عمل لتفادي التداعيات السلبية.
إسأل الأشخاص المقربين منك، كأفراد الأسرة والأصدقاء أو الزملاء في العمل، عن آرائهم الصريحة بسلوكك مهما كانت سلبية – فهذه التقنية قد تكون مفيدة في الواقع. إذ غالباً ما نجهل حقيقة أنفسنا ونرفض رؤيتها كالآخرين. السبيل الوحيد لإصلاح الشوائب الأخلاقية يكمن في الاستماع إلى الحقيقة المطلقة من فم أقرب الأشخاص إليك.
من المهم أن تعرف أن أسباب نفاد الصبر لا تُعزى فقط إلى مشاكل تتعلق بالعمل. فبما أن المَلِكات الفكرية والجسدية مترابطة علمياً بشكل مباشر، قد يكون سلوكك المتهور أو مزاجك السيء ناجماً عن عوامل أخرى كالجفاف الناتج عن عدم تناول كميات كافية من المياه، أو الشعور بالجوع أو الإرهاق. وبالتالي، فإن الحرص على اعتماد نمط حياة صحي واتّباع نظام غذائي سليم، إضافة إلى الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم والراحة بعيداً عن ضغوطات العمل، كلّها عوامل رئيسية مشتركة تساهم معاً في تعزيز قدرتك على ضبط انفعالاتك في بيئة العمل، وبناء علاقات ناجحة وإيجابية مع الأشخاص المحيطين بك.