على ضوء التطورات الحديثة وفي ظل التغيرات المتسارعة في مجال الفضاء الإعلامي الناجمة أساسًا عن الثورات التقنية المتلاحقة، بات ملاحظًا حجم التغيرات الجذرية التي تطال المنظومة الإعلامية من حيث الوسائل المستخدمة، بل إننا نرى ولادة منصات جديدة، في وقت نشهد فيه احتضار منصات أخرى، في ظل توقعات تؤكد أنها في طريقها إلى الزوال والاندثار إلى الأبد، رغم ما حققته من أمجاد على مدار العقود والقرون السابقة.
وفي هذا الموضوع، سنتناول الوضع الحالي للتلفاز بنمطه التقليدي، وما يشهده من تحديات تفرض عليه من وسائل الإعلام المبتكرة، وطرق البث الرقمية، وتوافر أنساق مبتكرة، تجعل من آليات العمل التلفزيونية المعروفة قديمة العهد، ولا تحظى بأي اهتمام من جيل الألفية.
لقد ظل التلفاز ردحًا من الزمن من أهم الوسائل الإعلامية في العالم، وبات لا يخلو منه أي بيت نظراً لأهميته كمنبر إعلامي من المستوى الأول، بالإضافة إلى دوره الرئيسي في بث البرامج التلعيمية والثقافية والترفيهية، ليصبح بحق من أهم المصادر الإعلانية في العالم، محققاً بذلك أرباحاً مالية خيالية كمصدر دخل للمؤسسات الإعلامية التي تحول الكثير منها إلى إمبراطوريات يشار إليها بالبنان.
يدور حورانا هنا حول الحالة الصحية الراهنة للتلفاز في ظل التغيرات الإعلامية الحديثة، فجميعنا نعي أن هناك هدفًا ماديًا من وراء المنصات الإعلامية، إضافة إلى الدور الرئيسي الذي تؤديه، وهو إيصال الملعومة للجمهور كما هي، وتزويدهم بآخر التطورات الاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية حول العالم.
لكن كما ذكرنا مسبقاً نرى مؤخراً تغيراً ملحوظً في المجال الإعلامي، وظهور منصات التواصل الاجتماعي التي سحقت الوسائل التقليدية؛ كالصحف والمجلات والراديو والتلفاز، واحتلت الصدارة.
إن من أهم ما يميز الوسائل المستحدثة أنها في غاية الدقة من ناحية تقديم الأعداد الواقعية لمشاهديها ومتابعيها والمناطق الجغرافية التي تصل إليها موادها الإعلامية، مقارنةً بالوسائل التقليدية، لذلك لاقت ترحيباً كبيراً من الجمهور.
لكن هل سيبقى التلفاز محافظاً على وضعه الحالي كحد أدنى؟ في البداية، كان يرى الكثيرون أن التلفاز سيبقى مهيمنًا ومسيطرًا على مكانته، مع حدوث تغييرات بسيطة من ناحية أن الجمهور يحتاج إلى التلفاز لمشاهدة الأفلام والمسلسلات المتنوعة، لكن كما هو ملاحظ الآن، بدأ الكثير من شركات الإنتاج ببث أفلامها على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، ومن أهمها موقع “يوتيوب”.
وهنا نلاحظ وجود منافس قوي للتلفاز، ليبدأ بفقدان أهميته تدريجيًا، ولماذا تدريجياً؟ الجواب: لأن الجيل القديم لا يزال متعلقًا بالتلفاز بسبب قلة الخبرة في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، ليسهم هذا العامل ولو لبضع سنوات في دعم مكانة التلفاز ومحافظته على وضعه الصحي إلى مستوى معين، لكنه بحاجة لبعض الأودية للبقاء على قيد الحياة، وهنا يمكننا اعتبار أن الجيل القديم هو دواء التلفاز.