من خلال خبرتي في مجال العلاقات العامة، التي تمتد لأكثر من ثمانية سنوات، لاحظت أن هناك الكثير من وكالات العلاقات العامة والشركات التي تهمش دور اللغة العربية وأهميتها في التواصل والاتصالات، فعادة ما تأتي في المرتبة الثانية، وتكتب بالاعتماد كلياً على اللغة الإنجليزية.
وفي دولة تحتضن العديد من الثقافات واللغات، مثل الإمارات، أصبح هناك اهتمام متزايد بلغات أخرى، وقلّ التركيز على اللغة العربية التي قد يظن الكثير أنها تستخدم بشكل كافٍ وصحيح، ولكن في واقع الأمر توجد هناك فجوة كبيرة بين اللغة العربية السليمة وبين ما تتداوله الشركات، لاسيما وأن ما يستخدم حالياً وما أراه، وخصوصاً في مجال عملنا، هو ترجمة حرفية لكلمات إنجليزية تفتقر لأي تواصل بالأفكار أو سلاسة بالسرد والكتابة، أو حتى استخدام لغة عربية مفهومة. أما بالنسبة إلى استخدام قواعد العربية الصحيحة، فحدّث ولا حرج، ولا أبالغ إن قلت إنها غابت عن أذهان كاتبي اللغة وقرائها أيضاً.
وإذا ألقينا نظرة تفحصة إلى العالم الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي، نجد أن معظم المواقع أو الصفحات أو المنتديات تستخدم اللهجات العامية في بلدان المنشأ. وعندما نبحث عن مدونات باللغة العربية في منطقة الخليج، فقلما نجد مدونات عربية ناجحة بمحتوى عربي سليم. بطبيعة الحال، نريد أن نكون أقل تكلفاً في مدوناتنا وفي اللغة المستخدمة فيها، ولكن حتى الآن لم أجد لغة عربية تشد انتباهي لأستمتع بقراءتها حتى النهاية.
أتذكر دائماً مدرس اللغة العربية الذي كان يعشق فصاحتها، فكان يستخدمها حتى في حياته اليومية. كنت أستغرب إصراره على التحدث بها دائماً، على الرغم من أن الجميع كان يرد عليه باللهجة العامية. ولم أنتبه حقاً لجمال لغتنا العربية إلا عندما بدأت بدارسة الشِعر العربي. وعندما انتقلت للجامعة، كان أحد أستاذتي في كلية الصحافة والإعلام، والذي درسني العديد من المساقات الصحفية، يستخدم اللغة العربية الفصحى السلسلة التي كانت تضفي جواً من المتعة والمرح. وهو الآن صديق على إحدى صفحاتي للتواصل الاجتماعي، وربما يكون من أنشط الأشخاص الذين ينشرون أخبارهم وأشعارهم وتعليقاتهم .. ويكون كل ذلك باللغة العربية فقط.
إننا في حاجة ماسة لمثل هؤلاء الذين يشعلون شمعة في ظلمة عصر الأنجلزة الذي نعيش فيه، فلغتنا العربية لغة جميلة غنية بالمفردات والمعاني والصور، غنية بالأساليب الجذابة والعبارات الراقية، وحتماً تستحق أن نحافظ عليها ونشجع على استخدامها.
إنني أحب تعلم اللغات الأجنبية المختلفة، وأحب سماعها ووقعها على الأذن، لكنني أعلن فخري بلغتي العربية الأصيلة وأحب قراءتها وكتابتها. وفي الوقت عينه، يحزنني قلة استخدام اللغة العربية في بلد عربي، وخاصة في أحاديثنا بين زملائنا وأصدقائنا، وفي مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في وسائل التواصل الحديثة.